لقد تحدث علماء النفس دائماً عن أن ثلاثة أشياء هي التي ترسم لنا شخصية الأنسان وهي : بيئته ومجتمعه .. أسرته .. عوامل وراثية
وطبعاً هناك حالات شاذة عن هذه القاعدة فكم من رسول ونبي نشأ في مجتمع كافر .. وكم من غني نشأ في أسرة فقيرة .. وكم من صالح نشأ بين أسرة فاسقة .. والأمثلة كثيرة .... ولكنني أتكلم في موضوعي هذا عن الحالة العامة .. وإليكم الفكرة
وسأختص في كلامي عن حياة الأنسان خارج مجتمعه وكيف سيكون التأثير عليه من قبل المجتمع من ناحية وخاصة إذا كان مجتمع غربي منفتح وبين تأثير أسرته ذات العادات والتقاليد الشرقية المحافظة عليه من ناحية أخرى ... فهو بين مطرقتين .. وسأترك الحديث عن العامل الوراثي ...
أن الأسرة العربية تمتلك أخلاق أصيلة وعادات محافظة فلو حدث وأضطرت تلك الأسرة بسبب ظروف معينة إلى الأنتقال والعيش في مجتمع غربي منفتح وليس محافظ ... فكيف تستطيع تلك الأسرة أن توازن نفسها وتستطيع أن تحافظ على أولادها أو بناتها من تأثير ذلك المجتمع الذي يختلف جذرياً عن أخلاقهم وعادات مجتمعهم العربي المحافظ ... خاصة إن كان لتلك الأسرة أولاد وبنات يدرسون في مدارس وجامعات تلك الدولة الغربية فهم بهذه الحالة وجب عليهم الأختلاط بزملائهم في الدراسة من ذلك المجتمع وسيكونون عرضة للتأثر بأخلاق وعادات المجتمع الغربي من خلال زملائهم وأصدقائهم في ذلك المجتمع ... فكيف وبأي طريقة نجعل تأثير الأسرة يكون هو الأقوى على الفرد وليس تأثير ذلك المجتمع ؟؟؟
طبعاً هنا يكون دور الأم أساسياً أكثر من دور الأب ... لأنه الأم هي مصدر العاطفة والحنان للأبناء لذلك يجب أن تجعل من ذلك الصدر الحنون وطناً بديلاً لأبنائها يعوضهم ما يعانونه من غربة أولاً .. وثانياً يغرس فيهم أخلاق وعادات وطنهم الأصلي الوطن الأم ليمنعهم من الأنجراف والأنخراط بالعادات السيئة للمجتمع الغربي الذي يحيطهم في غربتهم .. ثالثاً يجب ان تكون الأم هي الحامي لأبنائها من خلال سماع مشاكلهم والتحاور معهم على كيفية حلها حتى لا يضطر الأبناء عندما يلاحظون إهمالاً من أمهم لهم إلى أن يذهبوا ويشكوا مشاكلهم مع زملائهم أو أفراد آخرين من ذلك المجتمع كأن يكون جيراناً يتحاورون معه لحل مشاكلهم ومن خلال الحوار يتأثرون بما يخالف عاداتهم وتقاليد أسرتهم .. وفي هذه الحالة لم يحلوا مشكلة بل قد خلقوا مشكلة تتبعها ألف مشكلة ...
أما دور الأب فيكون في متابعته لأبنائه ومراقبة عفوية لتصرفاتهم وفي حال لاحظ شيئاً غريباً طرأ على سلوكيات وتصرفات أبنائه عليه ان ينبه الأم ويخبرها لكي تتحدث مع أبنائها وتتبين نوع هذا التغيير وأسبابه ... لأن الأبناء دائماً يكونون قريبين في صراحتهم أثناء الحوار مع أمهم أكثر من صراحتهم مع الأب ...
وفي النهاية أريد أن أعقب بشيء له صلة بالموضوع من ناحية تأثير المجتمع والأسرة لو لم يحصل تغييرات وشواذ على هذه القاعدة ...
لو بقيت البشرية متأثرة بمجتمعها وأسرتها وعاملها الوراثي ولم تحصل هناك خروقات ومخالفات لهذه القاعدة منذ بداية الخلق لما حصل أختلاف في حياة البشر من حيث العادات والتقاليد والديانة ... لأننا كلنا من آدم فلو كان تأثرنا بالعامل الوراثي لأبونا آدم وتأثرنا بأسرته وتأثرنا بعادات مجتمعه وهي عادات وأخلاق اهل الجنة لأن مجتمعه كان الجنة قبل ان ينزل إلى الأرض ... ولكن خروقات هذه القاعدة خلق لنا هذا الأنقسام والأختلاف الذي جعل للقاعدة شواذ ... والفائز الرابح اليوم هو الذي يستطيع أن يضبط نفسه من التأثر بعادات وتقاليد غير عاداته وتقاليده الأصلية المنحدرة لنا من أبونا وأمنا الأولين آدم وحواء